الاثنين، 18 ديسمبر 2023

مهبط الضاد


في احتفالية كلية الآداب/ جامعة ذمار باليوم العالمي للغة العربية 2021/12/18 كان لي شرف المشاركة بهذه الأبيات


 مــن بــاءِ بــلقيسَ لا مــن سينِ سَيناءِ
مــا هُــدهدُ الــشعر إلا بــعضُ أنــبائي
.
مـا أشــرق الــحرف إلا أوماؤوا شغفًا
إلـــى الــيمانيِّ فــي صَــمتٍ وإصــغاءِ
.
ولــم تُــسطّرْ بــنات الــفكر فــي بــلدٍ
إلا وكـــــنـــا لـــهـــا أرواح آبـــــاءِ
.
.
مــن بــاءِ بــلقيسَ فــينا أشــرقت لغةٌ
حـسناءُ مــن نـورِ، لــيست أيّ حسناءِ
.
أم الــلــغــاتِ حــبــاها الله إذْ كُــتِــبَتْ
آيُ الكــتاب بــها فــي حــرفِ وضّــاءِ
.
أم الـلغات تــفيضُ ســنًا إذا ســطعت
بـيـن اللـغاتِ وتــســمو مــثــل لألاءِ
.
وإنْ جــثى لــيلُ عُــجمٍ فــي ديــارِهُمُ
توضــأ الـصـبح مــنــها دونــما مــاءِ
.
وإنـما الــماء فــي بــحر الــعلوم سوى
أمِّ الــلــغات وفــيــضِ الــضادِ والــظاءِ
_
_
يـا دارُ بــلقيس (عــبد الله)*1 كـان لــنا
مــشــكــاةُ نـــورٍ وإيــحــاءٍ وإحــيــاءِ
.
صــار الــصباح إمــامًا حينما انقشعتْ
غــشاوةُ الــليل عــن تــعويذة (الـرائي)*2
.
كــان الــبصير، ولــم يُــبصرْ سوى لغةٍ
فــيــه أنــارت ظــلامَ الــجاهل الــنائي
.
نــعــم، تـــلألأ فــيــنا ســاطــعًا عــلَمًا
حــروفُــهُ الــنــور لــم يــنْبِسْ بــغوغاءِ
.
يـفيض بــالشعر, بــالآداب, حــين يُرى
كــأنـهُ الــنــهر يــجــري دون إبــطــاءِ
_
_
يــا قــاف بــلقيس، قــف بي برهة فأنا
ظــمــآنُكَ الآن، خــذني نــحوَ إروائــي
.
بــي رعــشة الطفل في ليل الشتاء بلا
خِــدْرٍ ولا ثــوب يــحنو فــوق أجزائي
.
لــذا تــزمّلتُ بــالحلم الــكبير، عــسى
صــبح الــغداة يــزيل البعضَ من دائي
.
ومـــا تــبــقّى مـــن الأنــواء يــرفعها
عــنــي بــنــو لــغــتي مــثــل الأطــباءِ
_
_
يـا دار بــلقيس، عــودي صــلبة فــلقد
تــصــدّعت أمـــةُ الــفُصَحا.. لأشــلاءِ
.
عودي كما كنتِ روحًا في الجُسوم تَعُد
روحُ الــوئــامِ ويــســمو الــحاءُ بالباءِ

منير الهتار
__________

1* الإشارة إلى الشاعر الكبير/ عبد الله البردّوني.
2* الرائي: لقبٌ يُطلق على الشاعر عبد الله البردّوني، وهو يُطلق أحيانًا على فاقد البصر وحادّ البصيرة.

الخميس، 14 ديسمبر 2023

دموع الرحيل

رثائية في موت الوالد (رحمه الله تعالى)



 ريـحٌ إلىٰ أرضِ السّعِيدةِ والهـوى
أخـذتْ جميعَ مشاعري ورجـائي
.
واسـتـوقفتْ لـمّـا أتَـيْـتُ مُـعـزِّياً
فَـأبـي الـفـقيدُ وقَـدْ أتَـو لـرثائي
.
فـأنـا الـمُـعَزَّى والـمُـعَزِّي حـينها
يــا قـبْـرُ مـالـكَ تـستبيحُ بُـكائي
.
كـمْ كُـنتُ أسْتَبِقُ الزمانَ لوصْلِهِ
لـكنْ يَـحولُ الـمَوتُ دونَ لـقائي
.
كـأسُ الـمنونِ يـجوبُ كلَّ منازلٍ
لابُــدَّ مِــنْ شُــرْبٍ بِـلا اسـتثناءِ
.
يـا ايُّـها الـعشَّاقُ والـسُّمارُ هـلْ
سَـيُخلّدُ الـمحبوبُ بـعْدَ فنائي؟!
.
لـمْ تَـخْلُ كُلّ قصائدي منْ لوعةٍ
كـمْ كـنتُ مـعتوهاً بحبِّ هوائي
.
فأحاطني الحُزْنُ المريرُ ولمْ أجِدْ
إلّا ظـلامـاً ضَــمَّ جُــلَّ سَـنَـائي
.
وقـرعتُ بـابَ الـدارِ آخـرَ سـاعةٍ
مــنْ لـيـلةٍ كُـسِـيْتْ ثـيـابَ بـلاءِ
.
وتـناثَرَتْ شُـهبُ الـسماءِ لِـحُزْننا
وتـسـاقـطتْ دُرَرٌ مِــنَ الـصـهباءِ
.
الـبـدْرُ غَـطّـى وجـهـهُ بـسحابةٍ
مـــنْ فـجـعـةِ . الأيّــامِ والأنْـبـاءِ
.
وتـزاحـموا يـستقبلونَ مـدامِعِي
هيهاتَ أينَ مَنِ انتقىٰ أسمائي
.
أبـتاهُ بابُ الـدارِ أصْـبحَ مـوحشاً
مـنْ دونِ وجهِكَ تعتمي أرجائي
.
أبـتـاهُ أقـفـرتِ الـدِّيـارُ وأظـلمتْ
ها قدْ رحلْتَ فأين أينَ ضـيائي؟
.
يــا دارُ مـا لـي بـالمبيت لِـبُرْهَةٍ
كـيـفَ الـبقاءُ إذا فـقَدْتُ ردائـي!
.
وشممتُ ريحكَ يا أبي لمسافةٍ
تـحتَ الـثرىٰ دفـنوا هُنا أجْزائي
.
الـقـبْرُ مُـحتضنٌ لـجسمِكَ لـيْتهُ
قـبلُ احـتوائكَ يـحْتَوِي أشْلائي
.
أبتاهُ سهمُ الموتِ مزّقَ مُهْجَتي
أبـتاهُ عـيني قَـدْ جـرتْ بـدمائي
.
صَـرَخَـتْ جُـزيئاتُ الـفؤادِ وقـبلها
لـبّـتْ جـمـيعُ جـوارحي لـندائي
.
يـا منْ وجدتُكَ في حياتيَ نعمةً
بـالـعـطفِ بـالـهمساتِ بـالإيـماءِ
.
أتْـعبْتَ نـفسكَ كي أكونَ مُنَعّماً
وسَـهِرْتَ دهْراً كي ترىٰ نعمائي
.
أبـتـاهُ سـيـفُ الـدّهْرِ فـرّقَ بينَنا
لـكـنَّ روحــكَ تـعـتلي أجْـوائـي
.
إنّــي وأهْــوالُ الـزّمـانِ تـلُـفُّني
فـتزيدُ مـن ألمي ومـن إعـيائي

منير الهتار

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2023

قصيدة طوفان الأقصى

طوفان الأقصى 



مِــنْ مَـطْـلعِ الـصّبحِ أطـلِقْ سـهمَكَ الآنـا

واعْــبُـرْ إلـــى الـنـصرِ بُـركـانًا وطـوفـانا

.

أطـلِـقْ شُــواظَ جـحـيمٍ، وانْـطلِقْ حِـممًا

واخْــلـعْ قــلـوبَ الــعِـدى، فاللهُ مــولانـا

.

اللهُ أكــــبــــرُ، فـــاهـــتــزّتْ قــلــوبُــهـمُ

رعـبًـا، وصــاروا "مِــنَ الـقـسّام" جـرذانا

.

فـرّوا إلـى الـجُحْرِ من ظِلّ الصقورِ وهلْ

يُـغـني الـفـرارُ إذا مــا الـموتُ قـدْ حـانا!

.

أيــنَ الــذي قِـيْـلَ عـنـهمْ: لا شَـبِـيهَ لَـهُمْ

مَــــنْ كــــانَ جـيـشُـهُـمُ بـالـذِّكْـرِ رنّــانـا!


تـشـتّـتـوا بــيــنَ مــقـتـولٍ وقــيـدِ يَـــدٍ

وعـقـلُـهمْ مِـــنْ ذُهـــولِ الأمــرِ سـكْـرانا

.

كــــمْ ضــخّـمـوهُ ولــكــنْ كـالـدّخَـانِ إذا

هــبّــتْ ريــــاحٌ فــنـى مـعـنـىً وبُـنـيـانا

.

.

اللهُ أكــــبـــرُ، جــــاؤوكـــمْ أشـــاوِســـةٌ

يــفــدونَ بــالــروحِ والأبــنــاءِ أقــصـانـا

.

أضْـحَـوا شُـعـاعَ صـبـاحٍ لا انْـقـطاعَ لَــهُ

مُــــذْ نــصّـبـوهُ عــلـى الأيـــامِ سـلـطـانا

.

بـــــدرٌ تـــعــودُ، خــيــولُ اللهِ صــافـنـةٌ

داســـتْ حـوافـرُهـا مـسْـخًـا وشـيـطـانا

.


تــوارثـوا الـعـزمَ والإقــدامَ مُــذْ عُـرِفـوا

فـخُـلِّـدوا فـــي ســمـاءِ الـمـجدِ عِـنـوانا

.

شعبٌ يرى العيشَ في ساحِ الوغى قدَرًا

فـــمــا اســتـكـانَ ولا ولّــــى ولا خــانــا

.

مــا ذلَّ مــا كــلَّ مــا ضـلَّ الـطريقَ ومـا

زلّـــــتْ بـــــهِ قـــــدمٌ، كـــــلّا ولا لانـــــا

.

لا يـقـبـلُ الـضـيـمَ، لا يُـعـطي مـسـاومةً

عـــن حـفـنـةٍ مـــن تــرابٍ صــارَ بـركـانا

.

يـعـدو إلــى الـمـوتِ لا يـخـشى مـخالبَهُ

لــســانُـهُ: رَبُّ هـــــذا الــكــونِ يــرعـانـا

.

مـهـمـا تـجـبّـرَ طــاغـوتُ الـيـهـودِ فــلـنْ

تــــرونَ مــنــه مــــدى الأيــــام إذعــانـا

.

جــــذورُهُ راســخــاتٍ كـالـجـبـالِ، فــمـا

يــومًــا تــزعــزعَ بــــل يــــزدادُ إيــمـانـا

.

.

يــا إخــوةَ الـدّيـنِ، هـبّوا نـحْوَ إخـوتِكم

يـكـفـي انْـبـطـاحًا وتـصـعـيرًا وخــذلانـا

.

أمــا تــرونَ ائْـتـلافَ الـكُـفرِ فــي عـلـنٍ!

ألــيـس هــذا لـخـوض الـحـرب إيـذانـا!

.

مـا الـصمتُ يـجدي ولا الـتنديدُ يوقفهم

بـــــل الـــوثــوبُ زَرافـــــاتٍ وَوُحــدانــا


منير الهِتَار 

الجمعة، 28 يوليو 2017

قصيدة يا حامل الورد

يـا حـامل الـورد، غـطّى وردك الـخجلُ ‬
كــفّـاك أجــمـل مـــا قُـــرّتْ بـــهِ الـمُـقَـلُ
.
فـكـيـف بـالـوجْه لــو جــزءًا بــدى لـغـدوا
صـرعـى وتـاهـوا سـكارى فـيه واقـتتلوا

تـجـمّـع الـحـسـنُ فــي خـدّيـك أجـمـعهُ
وانْـسـابَ مــن شـفتيك الـراحُ والـعسلُ
.
أمـا الـعيون، فـسبحان الـبديع!، فـكم
فـي سـحرِ عـينيك هام العاشقُ البطلُ
.
يا حـامل الـورد، مـا لـي فـيه، معذرةً ‬
‫الـــورد يـــذبـــل إلا أنـــت تــكــتـمـلُ ‬
‫.‬
‫قد أُخمدتْ كلُّ نارٍ في الحشا اشْتعلتْ‬
‫ولـــم تـــزل جـــذوة الأشــواق تـشـتعلُ‬
‫.‬
‫قـــالــوا تــيــتّـم قـلــبٌ مـــات والـــــدهُ‬
‫لـكـنّـهـم لـحـقـيـق الـيـتـم قـــد جـهـلـوا‬
‫.‬
‫الــيُــتْـمُ يـــتــم فـــــؤادٍ غــــاب ســاكـنـهُ‬
‫عـــن الــوصـال ولـــم تـعـبأْ بــه الـسّـبُلُ‬
‫.‬
.
‫يــا حـامل الـورد، فـاح الـعطر مـنك فـإذْ‬
‫بــمـاء عــطـرك صــبْـحُ الــكـون يـغـتسلُ
.
يــا حـامل الـورد، فـيك الـناس تـعذلني
فـلـو يـذوقـون جـمـر الـشـرق مـا عـذلوا
.
.

قــــد أوصــدتــك بــقـيـدٍ فــــي مـحـبـتها
فــكـيـف تــرجــو فـكـاكًـا أيــهـا الــرجـلُ!
.

هـي الـتي فـي عـروق الجسم ساريةً
لا شــــيء إلا هــواهــا فــيــه أنــشـغـلُ
.
لا شـــيء والله عــنـدي فــوق وصـلـكمُ
فــوصـلـكـم جــنــتـي إنْ يُــبـلـغ الأمــــلُ
.
أراقـــب الـصـبـح عـــلّ الـصـبـح يـجـمعنا
وفــــي الــمـسـاء أراهـــا تــهـزأ الـحِـيَـلُ
.
فـــلا الـصـبـاح أتـــى بــي نـحـوكم أبــدًا
ولا الــمــسـاء جــلـيـسٌ فــيــه أحــتـفـلُ
.
مـعـلّـقٌ بـيـن شـوقـي والـمـسافة، إنْ
تـعـاظم الـشوق حـتمًا لا تـفي الـسبلُ
.
فـكـيــف ألــقـــاك؟ والأيـــــام تــبـعـدنـي
عـــن الــلـقـاء، فـلـيـت الـبـعـد يـرتـحـلُ
.
يـكـفي الـحـقيقة أنّــي فـيـك فــي ولـهٍ
ولـيـس غـيـرك لــي فــي عـالمي بـدلُ
.
كـلٌّ يـــرى الـــزاد فـــي أقــواتـه، وأنــا
رأيـــــت أنّ حـــيــاة الــعــاشـق الــقُــبَـلُ
.
فــجـئـت لـلـشـيـخ أسـتـفـتيهِ مـسـألـةً
مــا حـكـم مـن بـنبيذ الـثغر قـد ثـملوا؟
.
فـتـمتم الـشـيخ فــي ســرٍّ، وهـاتفني:
عـلـيـه أجـــران، طــوبـى لـلـذي فـعـلوا
.
فقلت: يا شـيخُ، بعض الناس يزجرني
فـقال لـي: جـلّ أهـل الأرض مـا عقلوا
.
الـعشق في الناس فرضٌ إن ظفرتَ بِهِ
فـجُــدْ بــوصــلٍ، فـــآلامُ الــنـوى جــلـلُ

منيرالهتار

مهبط الضاد

في احتفالية كلية الآداب/ جامعة ذمار باليوم العالمي للغة العربية 2021/12/18 كان لي شرف المشاركة بهذه الأبيات   مــن بــاءِ بــلقيسَ لا مــن س...